الفاطميون العبيديون أسرة حكمت في التاريخ ما يقرب من ثلاثة قرون، (298 -
567هـ، 911 - 1171م). نشأت في شمال إفريقيا وامتد حكمها إلى مصر وبعض بلاد
الشام، وتنتسب إلى مؤسسها أبي عبيدالله الشيعي الخليفة الفاطمي المؤسس.
بعث أئمة الشيعة العلويون دعاتهم إلى شمالي إفريقيا لنشر دعوتهم بعيدًا عن
مركز الدولة العباسية. واستطاع أبوعبيدالله الحسين الشيعي أن يلتقي في أحد
مواسم الحج بحُجاج من قبيلة كتامة البربرية، وأقنعهم بتبني الدعوة
الفاطمية، وسافر معهم إلى إفريقيا (تونس)، فوجد البلاد مهيأة لنشر دعوته
بسبب كراهية أهلها للأغالبة والعباسيين. فكون قوة عسكرية من الساخطين،
فهزم بهم الأغالبة وأنهى حكمهم سنة 296هـ، 909م، واستدعى أحد أئمة الشيعة
ـ سعيد بن الحسين ـ ولقبه عبيدالله المهدي ونادى به خليفة، ليؤسس بذلك
بداية الدولة الفاطمية المغربية.
ذكر المؤرخون كلامًا كثيرًا عن عبيدالله. وكان أول ما قام به بناء عاصمة
جديدة تسمى المهدية، ووسع رقعة بلاده بالسيف، وبقوة الأسطول الذي ورثه عن
الأغالبة.
لجأ إلى تدعيم مركزه بالفتوحات المبكرة ليصرف الناس عن الصراع الفكري
والسياسي داخل الدولة. ويرى بعض المؤرخين أن سبب انتقال عاصمته إلى
المهدية ثم إلى القاهرة هو للخروج من هذا الجو.
بسط الفاطميون سيادتهم على مصر في عهد المعز لدين الله الفاطمي، الذي خلف
عبيدالله المهدي، حين استطاع قائده جوهر الصقلي فتح مصر سنة 358هـ، 969م،
وأطاح بالدولة الإخشيدية التي شاخت بعد موت كافور وضربها القحط والوباء،
وأسس مدينة القاهرة سنة 358هـ، 969م والجامع الأزهر سنة 359 -361هـ، 969
-971م، وقصرًا لسيده المعز الذي انتقل إلى القاهرة سنة 362هـ، 973م،
وجعلها عاصمة له، تنافس عاصمة الخلافة العباسية. وترك أمر المغرب إلى حكم
قبيلة صنهاجة البربرية الذين عرفت دولتهم باسم دولة بني زيري نسبة إلى أول
ملوكها بلكِّين بن زيري الصنهاجي، وورث الفاطميون ملك الإخشيديين بالشام
والحجاز، واستولى على الملك في بغداد قائد تركي يدعى البساسيري وأصبح يدعو
من على المنابر للخليفة الفاطمي المستنصر.
وبسط الفاطميون نفوذهم على غربي البحر الأبيض المتوسط ليتحدوا مع الأمويين في الأندلس ضد عدوهم المشترك من عباسيين وروم.
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
الخلفاء الفاطميون في شمال إفريقيا ومصر | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
| ||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
سقوط الدولة الفاطمية: تضافرت عدة عوامل أدت إلى سقوط الدولة الفاطمية، كان من أبرزها:
1-
المغالاة في التعصب للتشيع مما جعل العامة في مصر يؤيدون أية حركة تعيدهم
للفكر السني. وعدم معارضة الحاكم بأمر الله للفكر الدرزي الذي نقله محمد
بن إسماعيل الدرزي وتضمن ألوهية الحاكم أو الخليفة لحاجته إلى من يعاونه
آنذاك. وبعد قتل محمد الدرزي سحق الفاطميون بقايا المذهب الدرزي.
2- ترك الخلفاء السلطة لما يعرف بالوزراء العظام الذين كان أولهم بدر
الجمالي فتحكموا حتى في اختيار الخلفاء وتنافسوا على السلطة واستنجدوا
بأعداء الدولة. فقد استنجد الوزير الفاطمي ضرغام بالصليبيين، واستنجد شاور
بنور الدين زنكي سلطان الموصل وحلب فبعث له بجيوشه إلى مصر بقيادة شيركوه
الأيوبي وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي ليمنع الصليبيين من التقدم إليها،
فطردوا الصليبيين من مصر وأقروا شاور.
3-
عندما دب النزاع بين شاور وشيركوه وانتصر الأخير تولى الوزارة في مصر باسم
الخليفة الفاطمي، وعندما توفي عُهدَ بالوزارة إلى صلاح الدين الذي انتهز
فرصة مرض الخليفة الفاطمي العاضد، فأعلن زوال الخلافة الفاطمية سنة 567هـ،
1171م دون معارضة.
4- أعلنت دولة بني زيري انفصالها عن الدولة الفاطمية بمصر، فرأى الخليفة
الفاطمي المستنصر أن يطلق عليهم القبائل العربية الهلالية، فزحفوا إلى
المغرب، يعيثون في الأرض فسادًا، فخربوا المدن وأسقطوا دولة بني زيري.
5- تولية كثير من الخلفاء ولما يبلغوا الحلم؛ فالحاكم تولى الخلافة وعمره
إحدى عشرة سنة، وتولى الظاهر وهو في السادسة عشرة من عمره، وتولى المستنصر
عندما كان في السابعة من العمر